بتكوين والذهب يتصدران المشهد: دورة تيسير نقدي تلوح في الأفق
سوق العمل يوجه إنذارًا للفيدرالي قبل الحسم في 17 سبتمبر
أهلاً بكم في نشرة أموال الأسبوعية!
سجلت المؤشرات الأمريكية الرئيسية هذا الأسبوع قممًا تاريخية جديدة مدفوعة بموجة تفاؤل حول خفض وشيك لأسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي. وقاد هذا الصعود ارتفاعًا كبيرًا في سهم Oracle بنسبة 36% في يوم واحد بعد نتائج أرباح استثنائية أعادت إشعال حماس المستثمرين لقطاع الذكاء الاصطناعي.
في الوقت نفسه، حطم الذهب أرقامًا قياسية جديدة متجاوزًا حاجز 3,600 دولارًا للأونصة للمرة الأولى في التاريخ، مستفيدًا من تراجع عوائد السندات وضعف الدولار وسط توقعات بداية دورة تيسير نقدي أمريكية. كما شهدت أسواق العملات الرقمية زخمًا متجددًا، حيث تجاوز البتكوين حاجز 115 ألف دولار.
نستعرض في نشرة هذا الأسبوع تفاصيل هذه التطورات، ونحلل الدوافع وراء الصعود الجماعي للأصول المختلفة، مع عرض توقعاتنا لأسعار الذهب وبتكوين.
المؤشرات الأمريكية تسجل مستويات قياسية جديدة بقيادة سهم Oracle
حققت المؤشرات الأمريكية الرئيسية أداءًا متميزًا هذا الأسبوع، حيث سجل مؤشر S&P 500 مكاسب بنسبة 1.6% ليغلق عند مستويات قياسية جديدة. وتفوق عليه مؤشر Nasdaq الذي تَغْلب عليه أسهم التكنولوجيا بمكاسب 2% ليصل إلى رقم قياسي عند 24,092 نقطة، مدفوعًا بالأداء القوي لأسهم التكنولوجيا الكبرى، وعلى رأسها سهم Oracle.
قفز سهم Oracle بنسبة 36% في يوم واحد (10 سبتمبر) ليصبح من بين أكبر 10 شركات أمريكية من حيث القيمة السوقية متجاوزًا 900 مليار دولار. جاء هذا الصعود الصاروخي بعد إعلان الشركة عن نتائج أرباح الربع الأول من السنة المالية 2026 التي تجاوزت كافة التوقعات. حيث حققت Oracle نموًا في إيرادات الحوسبة السحابية بلغ 28%، لكن المفاجأة الحقيقية كانت في الكشف عن قائمة صفقات متوقعة بقيمة 455 مليار دولار، بزيادة 359% على أساس سنوي. يعكس هذا الرقم الضخم تصاعدًا كبيرًا في الطلب على خدمات الحوسبة السحابية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، حيث كشفت الشركة عن أربعة عقود مليارية مع شركات رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي مثل OpenAI وxAI.
شكّل هذا النجاح المدوي لـOracle دفعة لكامل القطاع التقني، حيث قفزت أسهم شركات أشباه الموصلات الرئيسية مثل Nvidia وAMD وBroadcom بنسب تراوحت بين 5-10% على أمل الاستفادة من خطط التوسع الضخمة لـOracle. يؤكد هذا التطور مجددًا أن الذكاء الاصطناعي يبقى محركًا رئيسيًا للأسواق الأمريكية، حيث تمثل أكبر ثماني شركات تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي الآن حوالي 30% من القيمة السوقية الإجمالية لمؤشر S&P 500. هذا التركيز المتزايد يعكس الدور المحوري الذي يلعبه قطاع التكنولوجيا في قيادة الأسواق، لكنه يثير في الوقت نفسه تساؤلات حول استدامة هذا الزخم.
لم تقتصر مكاسب هذا الأسبوع على الأسواق الأمريكية، بل امتدت لتشمل الأسواق الأوروبية حيث ارتفع مؤشر Stoxx 600 بنسبة 1.2% مع تراجع المخاوف من رفع إضافي لأسعار الفائدة. كما حافظت الأسواق الآسيوية على أدائها القوي، حيث ارتفع مؤشر Nikkei الياباني 4% ليحقق قمة تاريخية جديدة مدفوعًا بتدفقات أجنبية قوية، بينما واصلت الأسهم الصينية مكاسبها حيث قفز مؤشر CSI 300 بنسبة 1.4% على آمال دعم حكومي إضافي.
السوق على يقين من خفض الفائدة في سبتمبر
تتجه كافة الأنظار نحو اجتماع الاحتياطي الفيدرالي المقرر في 16-17 سبتمبر، حيث تشير العقود الآجلة إلى احتمالية 100% لخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، في أول خفض للفائدة في 2025. يأتي هذا التوقع في ظل إشارات متزايدة على تباطؤ سوق العمل الأمريكي، حيث قفزت طلبات إعانة البطالة الأسبوعية إلى 263 ألف طلب، وهو أعلى مستوى منذ بداية 2021. أثارت هذه البيانات مخاوف من ضعف متزايد في سوق العمل، مما دفع الأسواق للمراهنة بقوة على بداية دورة تيسير نقدي.
لكن التحدي الحقيقي يكمن في التوقعات الاقتصادية الجديدة التي سيصدرها الفيدرالي مع القرار. حاليًا، تتوقع أسواق العقود الآجلة خفضًا للفائدة بحوالي 75 نقطة أساس خلال 2025، لكن المسؤولين في الفيدرالي قد لا يؤيدون هذا التيسير المتسارع، خاصة مع التدخل السياسي من إدارة ترامب الذي يجعل النقاشات داخل الفيدرالي أكثر حدة. الانقسام داخل الفيدرالي واضح، كريستوفر والر وميشيل باومان، اللذان صوتا لصالح خفض الفائدة في يوليو، يقودان المعسكر الداعي لتحرك سريع. في المقابل، باول نفسه يبدو أكثر حذرًا، مُفضلًا الانتظار لرؤية المزيد من البيانات قبل اتخاذ خطوة جذرية.
الداعون إلى خفض للفائدة بمقدار 50 نقطة يجادلون بأن الفيدرالي "متأخر بالفعل" وأن خفضًا كهذا سيمثل تعويضًا عن التأخير السابق. في المقابل، يحذر بعض المحللين من أن خفضًا كبيرًا قد يُثير الذعر في الأسواق، مُرسلًا إشارة بأن الفيدرالي يرى مخاطر أكبر مما يُعلن عنه. كما أن التضخم، رغم تراجعه، مازال فوق المستهدف عند 2%، والرسوم الجمركية التي ما زالت سارية قد تُعيد إشعال الضغوط السعرية.
💡 توقعات خبراء أموال: نرجح أن يختار الفيدرالي الطريق الآمن بخفض 25 نقطة أساس في سبتمبر، مع إشارات لخفض إضافي في الاجتماعات القادمة. أي مؤشرات على أن وتيرة التيسير ستكون أبطأ من المتوقع قد تسبب تراجعًا مؤقتًا في الأسهم وارتفاعًا في عوائد السندات قصيرة الأجل.
البنك المركزي الأوروبي يبقي الأوضاع على حالها، وفرنسا تعاني من الديون
قرر البنك المركزي الأوروبي في اجتماعه يوم 11 سبتمبر الإبقاء على أسعار الفائدة الرئيسية عند 2% للمرة الثانية على التوالي، بعد دورة خفض استمرت من منتصف 2024 إلى منتصف العام الجاري. وأشارت رئيسة البنك كريستين لاغارد إلى أن منطقة اليورو في "وضع جيد" مع مخاطر اقتصادية "أكثر توازنًا"، ما يوحي بأن خفضًا جديدًا للفائدة ليس مطروحًا في الوقت الحالي.
جاء هذا الموقف الحذر في ظل تراجع التضخم الأساسي لمنطقة اليورو إلى حوالي 3.3% واقتراب الاقتصاد من حافة الركود، خاصة في ألمانيا التي تشهد انكماشًا، وتفاقم أزمة الديون الفرنسية. كانت وكالة Fitch Ratings قد خفضت التصنيف الائتماني السيادي لفرنسا من "AA-" إلى "A+" يوم 12 سبتمبر. هذا التخفيض، رغم أنه لم يصدم أسواق السندات التي كانت تتوقعه، يسلط الضوء على تصاعد المخاوف بشأن الدين العام الفرنسي والأوروبي بشكل عام.
جاء هذا القرار بعد أيام من استقالة رئيس الوزراء الفرنسي عقب فشل التصويت حول إصلاحات الموازنة، ما يشير إلى صعوبة تمرير الإصلاحات الهيكلية المطلوبة. تواجه حكومة الرئيس ماكرون صعوبات جمة في تمرير خطة تخفيض الإنفاق، خاصة بعد الاحتجاجات الواسعة ضد زيادة سن التقاعد.
برر Fitch قراره بـ"تصاعد المديونية العامة وعدم الاستقرار السياسي"، حيث يبلغ العجز الفرنسي حوالي 5% من الناتج المحلي الإجمالي ونسبة الدين إلى الناتج أكثر من 110%. يبرز هذا التطور التحديات الأوسع للديون السيادية في أوروبا، حيث تعاني الاقتصاديات الأوروبية الكبرى مثل ألمانيا وفرنسا من أزمة اقتصادية حادة، وتواجه البلدان ذات الديون المرتفعة مثل إيطاليا وإسبانيا ضغوطًا متزايدة.
الذهب يخترق حاجز 3,600 دولار
سجل الذهب صعودًا جديدًا هذا الأسبوع متجاوزًا مستوى 3,600 دولارًا للأونصة للمرة الأولى على الإطلاق، ليصل إلى حوالي 3,645 دولار. يعني هذا الارتفاع أن الذهب قد حقق مكاسب تزيد عن 90% منذ أواخر 2023، مؤكدًا دوره كملاذ آمن مفضَّل في فترات التوتر الاقتصادي.
ساهمت عدة عوامل في هذا الصعود التاريخي للذهب، أولها انخفاض العوائد الحقيقية وضعف الدولار. ثانيًا، استمرار البنوك المركزية، خاصة في الصين وروسيا، في شراء الذهب كجزء من استراتيجية تنويع الاحتياطيات. ثالثًا، الطلب المتزايد على الذهب كأداة تحوط ضد المخاطر المالية والجيوسياسية في ظل تصاعد العجز في الموازنات الحكومية.
💡 توقعات خبراء أموال: نتوقع استمرار قوة الذهب مع بداية دورة خفض الفائدة الأمريكية المتوقعة. كل خفض إضافي بـ25 نقطة أساس قد يضيف 50-75 دولارًا لسعر الذهب. نستهدف مستويات 3,750-3,900 دولار بحلول نهاية العام، مع احتمالية تخطي 4,000 دولار إذا تسارعت وتيرة التيسير النقدي.
العملات الرقمية تستعيد زخمها مع تخطي بتكوين من 115 ألف دولار
شهدت أسواق العملات الرقمية عودة قوية هذا الأسبوع، حيث تخطى بتكوين حاجز 115 ألف دولار، مقتربًا من أعلى مستوياته التاريخية المسجلة في يوليو. ساهمت عدة عوامل في هذا الصعود، أهمها التدفقات المؤسسية الضخمة في صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs) لبتكوين التي وصلت حيازاتها إلى 148 مليار دولار، أي حوالي ثلث حجم صناديق الذهب المتداولة. كما شهدنا هذا الأسبوع تحولاً في سلوك منتجي البتكوين (شركات تعدين العملة) الذين تحولوا من البيع اليومي إلى شراء حوالي 573 بتكوين يوميًا، في أسرع وتيرة منذ أواخر 2023.
💡 توقعات خبراء أموال: نتوقع أن يستمر بتكوين في التداول في المنطقة الحرجة بين 108 إلى 120 ألف دولار خلال شهر سبتمبر، ثم الصعود مجددًا واختراق مستوى 120 ألف دولار في أكتوبر، تمهيدًا للوصول إلى قمة الدورة الحالية التي نتوقع أن تتراوح بين 165 إلى 225 ألف دولار.
الخلاصة
تدخل الأسواق العالمية الأسبوع القادم في حالة من التفاؤل الحذر. شهد الأسبوع الماضي تطورات إيجابية على عدة جبهات: نتائج Oracle الاستثنائية أعادت الثقة في قطاع الذكاء الاصطناعي، بيانات سوق العمل الضعيفة عززت توقعات خفض الفائدة، والذهب حقق مستويات قياسية جديدة كملاذ آمن مفضل. لكن المخاطر تبقى كامنة تحت السطح. أزمة الديون في فرنسا تذكرنا بالتحديات المالية الأوسع في أوروبا، بينما اعتماد الأسواق الأمريكية المفرط على أسهم التكنولوجيا قد يجعلها عرضة لتقلبات حادة. في الصين، التوازن الدقيق بين دعم النمو وتجنب فقاعات الأصول يبقى تحديًا صعبًا.
يحمل الأسبوع المقبل عدة أحداث مهمة ستؤثر في اتجاه الأسواق:
اجتماع الفيدرالي (16-17 سبتمبر): هذا هو الحدث الرئيسي حيث يتوقع الجميع تقريبًا خفض الفائدة بـ25 نقطة أساس يوم الأربعاء. ما وراء قرار الخفض نفسه، سيكون المؤتمر الصحفي لرئيس الفيدرالي باول بالغ الأهمية.
بيانات إعانة البطالة الأمريكية في 19 سبتمبر: سيراقب المحللون طلبات إعانة البطالة الأسبوعية بعناية فائقة بعد قفزة الأسبوع الماضي.
على الصعيد العالمي، ستصدر تقارير التضخم من كندا (17 سبتمبر) واليابان (19 سبتمبر). كما ستعلن الصين عن إنتاجها الصناعي ومبيعات التجزئة والاستثمار في الأصول الثابتة لشهر أغسطس في 15 سبتمبر، وأي إشارة على استقرار أو خيبة أمل قد تؤثر على أسعار السلع ومعنويات المخاطرة.
💡 في أموال، نحافظ الآن على موقف متوازن مع ميل نحو المخاطرة. نوصي بزيادة تدريجية في الذهب مع كل تأكيد من الفيدرالي على التيسير النقدي، والاحتفاظ بمراكز انتقائية في أسهم التكنولوجيا عالية الجودة مع تجنب المضاربة المفرطة. تبقى العملة الرقمية الرائدة بتكوين استثمارًا استراتيجيًا في محافظنا، لكننا ننصح بالحذر من التقلبات قصيرة المدى.
ترقبوا عددنا الأسبوعي القادم لمتابعة نتائج اجتماع الفيدرالي وتحليل تداعياته على مختلف الأصول الاستثمارية.