الأسواق تتعافى مؤقتًا والذهب يستمر في تحطيم الأرقام القياسية
هزة عنيفة في منتصف الأسبوع تنتهي بصعود الأسهم، والفيدرالي يستعد لخفض الفائدة في أكتوبر
أهلًا بكم في نشرة أموال الأسبوعية!
شهدت الأسواق المالية العالمية خلال الأسبوع الممتد من 12 إلى 19 أكتوبر 2025 مزيجًا من التطورات المتضاربة، حيث تأرجحت الأسواق بين موجات التقلب الحادة في الأسهم والصعود القياسي للذهب. في مشهد يعكس حالة عدم اليقين السائدة، حيث ارتفع مؤشر VIX من حوالي 18 إلى 28 نقطة منتصف الأسبوع قبل أن يتراجع إلى 21 نقطة، بينما تمكنت الأسهم من إنهاء الأسبوع بمكاسب نسبية.
في المقابل، حطم الذهب كافة الأرقام القياسية مسجلًا ذروة تاريخية عند 4,379 دولارًا للأونصة. بينما واجه البترول تراجعًا حادًا بنسبة 3% للأسبوع الثالث على التوالي، مدفوعًا بتوقعات فائض المعروض وتراجع المخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط.
نناقش في نشرة هذا الأسبوع كيف تفاعلت الأصول المختلفة مع التطورات الأخيرة، ونستعرض توقعاتنا لحركة الذهب وبتكوين.
الأسهم الأمريكية تتغلب على التقلبات وتحقق مكاسب قوية
بدأ الأسبوع بهدوء نسبي قبل أن تضرب موجة تقلبات حادة الأسواق في منتصف الأسبوع. قفز مؤشر VIX، الملقب بـ”مقياس الخوف” في وول ستريت، من مستوى 18 إلى 28 نقطة في غضون ساعات، في إشارة إلى ذعر مفاجئ بين المستثمرين. ثم تلاشت هذه المخاوف بسرعة، حيث عاد المؤشر للاستقرار في مستويات أقل من 21 نقطة بنهاية الأسبوع.
نُرجع هذه الهزة إلى عوامل تقنية أكثر منها هيكلية، حيث دفع التقلب الشديد في أسعار الأصول ابتداءًا من الجمعة 10 أكتوبر المستثمرين إلى إعادة التموضع استعدادًا للأسوأ، فاضطروا إلى التخارج من مراكز المضاربة التي تستفيد من التباين في أسعار الأسهم المنفردة وأسعار المؤشرات (ETFs) والتي تسمى بـ dispersion trades.
رغم الهزة العنيفة منتصف الأسبوع، أنهت المؤشرات الرئيسية التداول على ارتفاع قوي. حيث سجل مؤشر S&P 500 مكاسب بلغت 1.7%، بينما ارتفع Stoxx 50 الأوروبي بنسبة 1.4% مدفوعًا بالتراجع النسبي في التوترات الجيوسياسية، وارتفع كذلك مؤشر Nikkei 225 الياباني بأكثر من 5% ليمحو خسائر الجمعة الماضية. في المقابل، خسر مؤشر بورصة هونج كونج الرئيسي Hang Seng حوالي 4% تحت ضغط التوترات التجارية المتجددة مع واشنطن وإشارات تباطؤ النمو الصيني.
ما يلفت الانتباه هو أن أسعار السندات الأمريكية ارتفعت جنبًا إلى جنب مع الأسهم ما يعكس تحسنًا واضحًا في معنويات السوق. وانخفض عائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات إلى حوالي 4.0% من حوالي 4.15% في بداية أكتوبر، مدفوعًا بتوقعاتٍ قوية بأن الاحتياطي الفيدرالي سيخفض الفائدة في اجتماعه القادم.
الفيدرالي يفتح الباب أمام خفض الفائدة في أكتوبر
أشار مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي بوضوح إلى أن خفضًا آخر لأسعار الفائدة قادم هذا الشهر. قال المحافظ كريستوفر والر صراحةً أنه “يفضل خفضًا آخر بمقدار 25 نقطة أساس” في اجتماع 28-29 أكتوبر، مشيرًا إلى ضعف مُقلق في سوق العمل. كما أكد رئيس الفيدرالي جيروم باول أن خفضًا للفائدة في أكتوبر “يبقى ممكنًا”، معترفًا بتزايد مخاطر البطالة.
يمثل هذا تحولًا واضحًا نحو المزيد من التيسير النقدي، فالفيدرالي كان قد خفض الفائدة بالفعل بمقدار 25 نقطة أساس في سبتمبر إلى نطاق 4.00-4.25%، منهيًا دورة التشديد. والجدير بالملاحظة أن المسؤولين يصفون التخفيضات الأخيرة بأنها “تعديلات لإدارة المخاطر” وليست استجابة لأزمة. في الدورات السابقة، مثل 2019، تزامنت تخفيضات الفيدرالي مع قمة سوقية لبتكوين والأصول الخطرة، لكن هذه المرة التخفيضات “استباقية” ومن موقع قوة اقتصادية، وهو ما قد يفسر رد فعل السوق الأكثر إيجابية.
تُظهر توقعات الفيدرالي الأخيرة انخفاض معدل الفائدة إلى 3.5% بحلول نهاية العام (من 4.25% حاليًا). رغم أن التضخم يبقى فوق المستهدف (3-4% بحسب مقاييس مختلفة)، ما يعني أن الفيدرالي قرر أن يتجاهل القفزة المؤقتة في مستوى الأسعار الناجمة عن الرسوم الجمركية الجديدة، متوقعًا انخفاض التضخم نحو 2% بمرور الوقت.
المثير للاهتمام هو أن الإغلاق الحكومي الأمريكي المستمر (الذي دخل أسبوعه الثالث) علّق إصدار البيانات الاقتصادية الرسمية، ولا توجد تقارير رسمية عن التضخم أو سوق العمل مؤخرًا. ما يعني أن الفيدرالي أصبح معتمدًا على بيانات القطاع الخاص وتقديراته لحركة الاقتصاد.
💡 توقعات خبراء أموال: نتوقع أن يخفض الفيدرالي الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في أكتوبر، يليه خفضًا آخر في ديسمبر. تدعم هذه القرارات الأسهم والذهب على المدى القريب. ومع استمرار ضعف سوق العمل وتراجع التضخم، نرى أن الفائدة قد تصل إلى 3.25% بحلول منتصف 2026.
القطاع المصرفي يتعافى بعد أزمة مؤقتة
شهد القطاع المصرفي الأمريكي أزمة مؤقتة في بداية الأسبوع عندما انهارت أسهم عدد من البنوك الإقليمية على خلفية تقارير عن إفلاس عدد من الشركات المحلية. برزت حالتان مهمتان: إفلاس شركة قطع غيار السيارات First Brands وشركة إدارة القروض Tricolor في سبتمبر، مما اضطر البنوك إلى تحمّل خسائر ضخمة، بلغت حوالي 170 مليون دولار في حالة Tricolor.
في المقابل، جاءت نتائج أرباح البنوك الكبرى مطمئنة للأسواق، حيث حقق JPMorgan Chase صافي دخل بقيمة 14.4 مليار دولار، متفوقًا على التوقعات. كما تجاوز Bank of America وWells Fargo وGoldman Sachs توقعات الأرباح. وقد أشارت البنوك الكبرى بالإجماع إلى أن “المستهلكين الأمريكيين بصحة جيدة” ولا يظهرون ضغطًا في الإنفاق أو تعثرًا في السداد. حتى البنوك الإقليمية مثل Truist وU.S. Bank أكدت أن “خسائر القروض والتأخرات بدأت تتراجع بالفعل”. بحلول نهاية الأسبوع، تعافت أسهم البنوك، وانخفضت تكلفة الائتمان على القطاع المالي، ما يعكس استعادة الثقة.
الذهب يستمر في تحطيم الأرقام القياسية
سجل الذهب أداءً مذهلاً هذا الأسبوع، مرتفعًا بنحو 5% ليصل إلى رقم قياسي جديد فوق مستوى 4,379 دولارًا للأونصة، قبل أن تضربه موجة جني أرباح يوم الجمعة ليغلق الأسبوع عند 4,251 دولار. تخطت المكاسب الاستثنائية للذهب 60% منذ بداية العام، ما يعكس طلبًا قويًا على الملاذ الآمن التقليدي.
💡 توقعات خبراء أموال: نرى أن اختراق الذهب لمستوى 4,370 دولارًا يؤكد قوة الاتجاه الصاعد طويل المدى. نتوقع أن يواجه السعر مقاومة قوية عند مستويات 4,400-4,500 دولار، خاصة إذا تراجعت حدة الأزمة التجارية بين واشنطن وبكين، مع احتمالية الدخول في تصحيح مؤقت نحو مستويات 3,800-4,030 دولار في النصف الثاني من نوڤمبر. على المدى الطويل، تشير نماذجنا إلى إمكانية وصول الذهب إلى 4,900-5,200 دولار في النصف الأول من 2026 إذا استمر الفيدرالي في التيسير أو تفاقمت التوترات الجيوسياسية.
بيتكوين يواجه ضغوطًا متزايدة
شهدت أسواق العملات الرقمية تقلبات حادة فاقت حركة العملات التقليدية، حيث تأرجح بتكوين حول مستوى 106,000 دولار بعد أن لامس 110,000 دولار في وقت سابق من الأسبوع. هذه التقلبات الشديدة تعكس حساسية السوق المرتفعة للأخبار، حيث تتأثر العملات الرقمية بقوة بتوقعات السياسة النقدية والمعنويات العامة للمخاطرة.
رغم التقلبات، تستمر التدفقات المؤسسية القوية في دعم السوق، حيث تجاوز تدفق رؤوس الأموال في صناديق بتكوين المتداولة حوالي 2.5 مليار دولار في أكتوبر، حتى في ظل التذبذب الكبير في الأسعار، ما يعكس الثقة المؤسسية طويلة المدى في العملة الرقمية الرائدة.
💡 توقعات خبراء أموال: نتوقع أن يستمر بتكوين في التداول بين 100,000 إلى 115,000 دولار على المدى القصير، مع إمكانية اختراق 120 ألف دولار إذا تحسنت المعنويات العامة للمخاطرة. على المدى الأطول، نرى إمكانية وصول يتكوين إلى مستويات 165,000 إلى 225,000 دولار بنهاية الدورة الحالية.
الخلاصة
تجاوزت الأسواق العالمية هزة عنيفة في منتصف الأسبوع لتغلق على ارتفاع نسبي، مدعومة بتوقعات قوية لتيسير نقدي من الفيدرالي وتراجع التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط. يبرز الذهب بصعوده التاريخي إلى 4,379 دولارًا، بينما يستمر النفط في الانهيار تحت وطأة فائض المعروض وهدوء المخاطر الجيوسياسية.
تحمل الأسابيع المقبلة تحديات وفرصًا متباينة:
أولاً، أثبت القطاع المصرفي مرونته رغم إفلاسات محدودة، مؤكدًا أن النظام المالي أقوى بكثير مما كان عليه قبل 2008.
ثانيًا، يسير الفيدرالي بثبات نحو المزيد من التيسير النقدي، وهو ما يدعم أصول المخاطرة على المدى المتوسط.
ثالثاً، تبقى التوترات التجارية الأمريكية-الصينية مؤثرًا رئيسيًا، لكن اللقاء المرتقب بين ترامب وتشي جين بينج قد يخفف الضغوط.
ما يجب مراقبته الأسبوع المقبل:
موسم الأرباح يبلغ ذروته: تقارير شركات التكنولوجيا العملاقة (Microsoft وAlphabet يومي 21-22 أكتوبر، Meta وAmazon يومي 24-25) ستكون حاسمة في تحديد اتجاه الأسواق. أي خيبة أمل قد تهز المؤشرات.
البيانات الاقتصادية: في الولايات المتحدة، وإذا انتهى الإغلاق الحكومي، ستصدر بيانات التضخم ومبيعات التجزئة. في الصين، تصدر بيانات الناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث في 20 أكتوبر، والتي ستكشف عمق التباطؤ الاقتصادي الصيني.
التطورات الجيوسياسية: لقاء ترامب-تشي المتوقع نهاية أكتوبر قد يحدد مسار الحرب التجارية. كذلك، قمة ترامب-بوتين في المجر قد تحمل تطورات بشأن أوكرانيا.
ترقّبوا عددنا الأسبوعي يوم الأحد المقبل لمواكبة أبرز المستجدات وتحليل انعكاساتها على مختلف الأصول الاستثمارية.