الأسواق العالمية تتجاهل المخاطر وتحلّق لقمم تاريخية جديدة
الإغلاق الحكومي الأمريكي لا يوقف تقدم الأسهم، والذهب يقترب من حاجز 3,900 دولار، وبتكوين يتجاوز 125 ألف دولار
أهلًا بكم في نشرة أموال الأسبوعية!
شهدت الأسواق المالية العالمية خلال الأسبوع الممتد من 28 سبتمبر إلى 5 أكتوبر 2025 مفارقة لافتة، حيث واصلت الأسهم تسجيل قمم تاريخية جديدة رغم توقف العمليات الحكومية الأمريكية بالكامل. تجاهلت المؤشرات الرئيسية الإغلاق الفيدرالي في واشنطن وحلّقت عاليًا مدفوعة بتوقعات تسارع وتيرة خفض الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي وسط بيانات اقتصادية متدهورة.
وبالتوازي مع صعود الأسهم، شهدت الملاذات الآمنة ارتفاعات استثنائية، فقد اقترب الذهب من حاجز 3,900 دولار للأونصة، فيما تجاوز بتكوين صباح اليوم عتبة 125,000 دولار في حركة صعود مذهلة. في المقابل، انهارت أسعار البترول بأكثر من 6.5% خلال الأسبوع لتصل إلى أدنى مستوياتها في أربعة أشهر عند 64.5 دولار للبرميل، مدفوعة بإشارات فائض الإمدادات من أوبك+ وانحسار مخاطر الحرب في الشرق الأوسط.
نستعرض في نشرة هذا الأسبوع كيف تمكنت الأسواق من الارتفاع رغم الشلل السياسي في واشنطن، ونحلل العوامل وراء الصعود التاريخي للذهب والعملات الرقمية.
الأسهم الأمريكية تتجاهل الإغلاق الحكومي وتواصل الصعود
في مشهد غير مألوف، حققت المؤشرات الأمريكية الرئيسية مستويات قياسية جديدة رغم دخول الحكومة الفيدرالية في حالة إغلاق تام بدءًا من الأول من أكتوبر. ارتفع مؤشر S&P 500 بنحو 1% خلال الأسبوع ليلامس مستوى 6,750 نقطة، فيما سجل مؤشر Nasdaq مكاسب مماثلة، ووصل مؤشر Dow Jones إلى قمة جديدة فوق 47,000 نقطة.
ركزت الأسواق على احتمالات خفض الفائدة بدلًا من الاضطراب المالي قصير الأجل. بينما أوقف الإغلاق إصدار البيانات الفيدرالية الرئيسية، بما في ذلك تقرير الوظائف المرتقب، ملأت البيانات الخاصة الفراغ وقدمت صورة قاتمة عن سوق العمل. أظهر تقرير ADP للوظائف الخاصة انخفاضًا مفاجئًا بـ30,000 وظيفة في سبتمبر، مقابل توقعات بنمو بمقدار 50,000 وظيفة، ما عزز التوقعات بأن الفيدرالي سيسرّع وتيرة التيسير النقدي.
وصلت احتمالية خفض الفائدة في اجتماع أكتوبر إلى 97% وفقًا لأسواق العقود الآجلة، ما انعكس إيجابًا على أسعار الأسهم. ويرى المستثمرون أن ضعف البيانات الاقتصادية سيجبر الفيدرالي على التحرك بقوة أكبر لدعم الاقتصاد، ما يصب في صالح الأصول الخطرة.
الذهب يكسر الأرقام القياسية ويتجه نحو 4,000 دولار
سجّل الذهب أداءًا استثنائيًا جديدًا خلال الأسبوع، مرتفعًا بنسبة 3.3% ليقترب من مستوى 3,900 دولار للأونصة لأول مرة في التاريخ. يأتي هذا الارتفاع مدفوعًا بعدة عوامل متضافرة: عدم اليقين الجيوسياسي، وتوقعات انخفاض أسعار الفائدة، وضعف الدولار الأمريكي.
حقق الذهب مكاسب تجاوزت 49% منذ بداية العام، في واحدة من أقوى موجات الصعود في تاريخه. إذ يستفيد المعدن الأصفر من تراجع العوائد الحقيقية على السندات الأمريكية، حيث أن انخفاض الفائدة مع استمرار التضخم فوق المستوى المستهدف تجعل الذهب، الذي لا يدر عائدًا، أصلًا جذابًا للمستثمرين.
إضافة إلى ذلك، تواصل البنوك المركزية العالمية، وخاصة في الأسواق الناشئة، شراء الذهب بوتيرة قياسية كجزء من استراتيجية التنويع بعيدًا عن الدولار الأمريكي. هذا الطلب المؤسسي القوي يوفر أساسًا متينًا لاستمرار ارتفاع الأسعار.
💡 توقعات خبراء أموال: نرى أن اختراق الذهب لمستوى 3,900 دولار يفتح الطريق للوصول إلى المستويات المستهدفة عند 3,950 إلى 4,100 دولارًا للأونصة خلال 3 إلى 5 أسابيع. نتوقع بعد ذلك أن يواجه سعر الذهب ضغوطًا تدفعه للهبوط مجددًا إلى مستويات 3,700-3,800 دولار خلال شهر نوفمبر. تحليلات أموال الأولية تشير إلى وصول سعر الذهب إلى قمة تاريخية جديدة في مارس-أبريل 2026، متجاوزًا 4,400-4,600 دولارًا للأونصة.
بتكوين يتجاوز 125,000 دولار وسط تصاعد الأصول الرقمية
شهدت أسواق العملات الرقمية انتعاشًا قويًا، حيث اخترق بتكوين مستوى 125,000 دولار محققًا قمة تاريخية جديدة استمرارًا لموجة الصعود الكبيرة التي بدأت في أكتوبر، مستفيدًا من توقعات خفض الفائدة وتدهور سوق العمل.
💡 توقعات خبراء أموال: توقع أن تخطي بتكوين مستوى 165,000 دولار بنهاية الدورة الحالية، خاصة مع نمو جاذبية بتكوين كـ”ذهب رقمي” وسط البيئة النقدية المتساهلة. التدفقات المؤسسية القوية في صناديق بتكوين المتداولة في البورصة تدعم هذا الارتفاع، حيث تجاوزت الأصول تحت الإدارة في هذه الصناديق 150 مليار دولار، ما يعكس قبولًا متزايدًا من المستثمرين الكبار للعملات الرقمية.
الخلاصة
يحمل الأسبوع المقبل (5-12 أكتوبر) عدة أحداث محورية ستؤثر في مسار الأسواق. الأولوية القصوى ستكون لحل أزمة الإغلاق الحكومي الأمريكي، حيث يتوقع المراقبون إما إقرار قانون تمويل مؤقت أو تنامي الضغوط المالية لإجبار الكونغرس على التحرك.
البيانات والأحداث المقررة للأسبوع المقبل:
- تصريحات مسؤولي الفيدرالي ومحاضر الاجتماع السابق (8 أكتوبر).
- خطاب باول المقرر (9 أكتوبر) الذي سيكون محوريًا في ظل الإغلاق الحكومي واستمرار التدهور في سوق العمل.
تدخل الأسواق العالمية الربع الأخير من 2025 في حالة من “النشوة الاستثمارية”، حيث ترتفع الأسهم والذهب وبتكوين في آن. هذا التوافق غير المعتاد يعكس توقعات بسيناريو مثالي: تضخم منخفض، وسياسة نقدية متساهلة، ونمو اقتصادي معقول.
لكن التاريخ يعلمنا أن مثل هذه الحالات من التفاؤل المفرط قد تحمل في طياتها بذور تقلبات مستقبلية. انهيار أسعار النفط، رغم فوائده التضخمية، قد ينذر بتباطؤ في الطلب العالمي أعمق من المتوقع. كما أن الاعتماد المفرط على توقعات التيسير النقدي قد يجعل الأسواق عرضة للصدمات إذا جاءت البيانات الاقتصادية مخالفة للتوقعات. حل أزمة الإغلاق الحكومي الأمريكي سيزيل سحابة عدم اليقين قصيرة الأجل، لكن مع ذلك ستكون الأسابيع المقبلة اختبارًا حقيقيًا لقدرة الأسواق على الحفاظ على زخمها الصاعد.
ترقّبوا عددنا الأسبوعي يوم الأحد المقبل لمواكبة أبرز المستجدات وتحليل انعكاساتها على مختلف الأصول الاستثمارية.