بورصة وول ستريت تحقق أداءًا استثنائيًا في أسبوع عيد الشكر
الفيدرالي الأمريكي يفتح الباب لخفض الفائدة في ديسمبر، والذهب يستمر في الصعود، وبتكوين يسجل أسوأ أداء شهري منذ بداية العام
أهلًا بكم في نشرة أموال الأسبوعية!
شهدت الأسواق المالية العالمية أسبوعًا استثنائيًا، حيث حقق مؤشر S&P 500 مكاسب بنسبة 3.7% في أفضل أداء لأسبوع عيد الشكر منذ أكثر من عقد. جاء هذا الصعود مدفوعًا بتحول جديد في توقعات السياسة النقدية. في المقابل، سجل بتكوين أسوأ أداء شهري منذ فبراير، متراجعًا بنحو 16.5% بسبب تدفق السيولة المؤسسية خارج السوق. أما الذهب، فقد استطاع الصعود مرة أخرى رغم ضغوط عقود الخيارات.
نستعرض في نشرة هذا الأسبوع كيف أعادت تصريحات مسؤولي الفيدرالي إحياء الأمل حول قرار الفائدة في ديسمبر، ونحلل الاختراق القوي في سعر الذهب، ونرصد الضغوط المتزايدة على سوق العملات الرقمية، ونتابع كذلك التطورات الاقتصادية في أوروبا وآسيا.
الأسهم الأمريكية تعاود الارتفاع مجددًا وتنتظر قرار الفيدرالي
حققت الأسهم الأمريكية أداءً استثنائيًا خلال أسبوع عيد الشكر. حيث ارتفع مؤشر S&P 500 بنسبة 3.7% ليغلق عند 6,849 نقطة، بينما ارتفع مؤشر Nasdaq بنسبة 4.9% إلى 25,434 نقطة. بذلك، تكون المؤشرات الرئيسية قد سجلت سبعة أشهر متتالية من المكاسب، في أطول موجة صعود منذ 2018.
صعدت المؤشرات هذا الأسبوع مدفوعة بثلاثة محركات رئيسية. أولًا، أعلنت شركة ألفابت (جوجل) عن نموذجها الذكي الجديد Gemini 3 يوم 21 نوفمبر، ما أشعل الحماس مجددًا في قطاع الذكاء الاصطناعي ودفع سهم الشركة للارتفاع بنسبة 6.3% في جلسة واحدة. ثانيًا، تم التوصل لاتفاق لإنهاء الإغلاق الحكومي الذي استمر 43 يومًا، ما أزال غيمة عدم اليقين التي خيّمت على الأسواق خلال الأسابيع الأخيرة. وثالثًا، التحول الواضح في لهجة مسؤولي الفيدرالي نحو موقف أكثر تيسيرًا.
جون ويليامز، رئيس الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، فتح الباب على مصراعيه لخفض الفائدة بتصريحه أن السياسة النقدية “مقيّدة بشكل مناسب” وأن هناك “مجالًا لمزيد من التعديل على المدى القريب”. وعزّز كريس والر، عضو مجلس محافظي الفيدرالي، هذا التوجه بقوله إن ضعف سوق العمل “يستدعي خفضًا آخر للفائدة”. حتى ماري دالي، رئيسة الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو والمعروفة بمواقفها المتشددة تاريخيًا، أيّدت خفض الفائدة في ديسمبر نظرًا لتدهور سوق العمل.
دفعت هذه التصريحات المتلاحقة العقود الآجلة لأسعار الفائدة إلى تسعير احتمال 86.5% لخفض بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع 9-10 ديسمبر المقبل. وينتظر المستثمرون ما يُوصف بـ”الخفض المتشدد”، أي أن يأتي قرار خفض الفائدة مصحوبًا بلهجة متشددة تشير إلى أن الفيدرالي وصل للمعدل المناسب ولن يتحرك مجددًا إلا إذا استدعت البيانات ذلك.
💡 توقعات خبراء أموال: نتوقع أن يُقدم الفيدرالي على خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في ديسمبر، يليه خفض الفائدة مرتين متتاليتين في الربع الأول من 2026. ونرى أن معدل الفائدة قد يصل إلى نطاق 3.0-3.25% بحلول منتصف 2026.
نظرة على تحركات البنوك المركزية العالمية
على الصعيد العالمي، وبينما يقف الفيدرالي على أعتاب خفض ثالث للفائدة، تتباين مسارات السياسات النقدية للبنوك المركزية الكبرى. في أوروبا، يبدو أن البنك المركزي الأوروبي قد انتهى من دورة خفض الفائدة، بعد ثمانية تخفيضات متتالية من يونيو 2024 إلى يونيو 2025. وبعد وصول معدل الفائدة إلى 2% ومعدل التضخم في منطقة اليورو إلى 2.1%، قريبًا جدًا من المستوى الهدف، أكدت رئيسة البنك كريستين لاغارد أن السياسة النقدية “في وضع جيد”. لا تسّعر الأسواق حاليًا أي تخفيضات إضافية، رغم أن التباطؤ في النمو قد يدفع البنك لموقف أكثر تيسيرًا في 2026 إذا استمر ضعف النشاط الاقتصادي.
في انجلترا، يميل البنك المركزي نحو خفض جديد في ديسمبر، بعد أن جاء التصويت منقسمًا حول قرار الفائدة في نوفمبر. يعكس التصويت المنقسم حالة من التوتر داخل إدارة البنك المركزي، لكن مشروع الموازنة الذي قدمته وزيرة المالية راشيل ريفز، والذي أجّل التقشف الفوري رغم رفع الضرائب على المدى المتوسط، أعطى البنك مساحة أكبر لخفض الفائدة. تسعّر الأسواق الآن احتمالًا بنسبة 58-65% لخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس قريبًا.
في آسيا، يواجه بنك اليابان ضغوطًا متزايدة لرفع الفائدة للمرة الأولى منذ عقود، وسط ضعف مستمر في الين، حيث وصل سعر الصرف إلى 156 ين للدولار، قرب أدنى مستوى له في 15 عامًا. تنتظر الأسواق خطاب محافظ البنك كازو أويدا يوم الاثنين 1 ديسمبر بحثًا عن أي إشارات على رفع وشيك للفائدة. كانت الحكومة اليابانية قد أطلقت حزمة تحفيز مالي ضخمة بقيمة 117 مليار دولار، ما قد يعطي البنك المركزي غطاءًا لتشديد السياسة النقدية لمواجهة الضغوط التضخمية المحتملة.
في الصين، قرر بنك الشعب (البنك المركزي) الإبقاء على أسعار الفائدة الرئيسية دون تغيير للشهر الخامس على التوالي في نوفمبر، لكن المسؤولين ألمحوا لإمكانية خفض نسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك أو أسعار الفائدة قبل نهاية العام إذا ظل الأداء الاقتصادي ضعيفًا. مع تسجيل مؤشر مديري المشتريات الصناعي للشهر الثامن على التوالي قراءة دون مستوى الـ50، وهو ما يشير إلى أزمة انكماش هيكلية، يتزايد الإجماع على ضرورة تدخل البنك المركزي لحفز الاقتصاد.
الذهب مازال صامدًا رغم ضغوط عقود الخيارات
نجح الذهب في الصعود بنسبة 3.8% هذا الأسبوع ليصل إلى 4,220 دولارًا للأونصة، رغم الضغوط الكبيرة من عقود الخيارات، والتي ذكرناها تفصيلًا في الأعداد السابقة. فبدلًا من الانخفاض المعتاد الذي يتبع انتهاء صلاحية عقود الخيارات، وهو نمط متكرر عادة يستغله المتعاملون المحترفون لإعادة التمركز في السوق، شهد الذهب يوم الاثنين 24 نوفمبر ارتدادًا قويًا. هذا الفشل في دفع الأسعار للأسفل رغم الظروف المواتية أعطى “الضوء الأخضر” للمستثمرين للعودة بقوة، حيث استمر تدفق رؤوس الأموال طوال الأسبوع دافعًا السعر للاستمرار في الصعود. وبناءًا على تحليل أموال للبيانات التاريخية لسوق الذهب، من المتوقع أن يصل سعر الذهب لقمة الدورة الحالية في ربيع 2026.
💡 توقعات خبراء أموال: يؤكد اختراق الذهب هذا الأسبوع بداية مرحلة صعود جديدة ضمن الدورة الحالية. مازلنا متمسكين بأهدافنا طويلة المدى عند 4,900-5,200 دولار للأونصة بحلول مارس-أبريل 2026. على المدى القصير، قد يواجه السعر مقاومة عند 4,270-4,350 دولار، لكن أية تراجعات قصيرة الأجل خلال الأشهر القادمة ستمثل فرصة شراء ممتازة.
بتكوين يحقق أسوأ أداء شهري منذ فبراير الماضي
استطاع سوق العملات الرقمية الارتداد نسبيًا هذا الأسبوع، لكن مع ذلك سيسجّل بتكوين أسوأ أداء شهري له في نوفمبر منذ فبراير الماضي، منخفضًا بنسبة 17% ومتراجعًا دون حاجز الـ 100,000 دولار لأول مرة منذ يونيو. أنهى بتكوين الأسبوع حول مستوى 90,900 دولار، متأثرًا بشكل كبير بخروج رؤوس الأموال من صناديق الاستثمار (ETFs)، حيث بلغت التدفقات المالية الخارجة من صناديق ETFs حوالي 3.48 مليار دولار خلال نوفمبر، وهو ثاني أسوأ شهر من حيث التدفقات الخارجة منذ إطلاق هذه الصناديق. يعكس هذا النزيف في رأس المال المؤسسي تحولًا في المعنويات من التفاؤل الجامح الذي ساد في أكتوبر، حين وصل بتكوين إلى قمة تاريخية عند 126,220 دولارًا، إلى الحذر الشديد حاليًا.
في سوق المشتقات، تكشف البيانات عن موقف دفاعي حذر. تواصل الفائدة المفتوحة في العقود الآجلة انخفاضها جنبًا إلى جنب مع السعر، وهو ما يمثل تخفيضًا منظمًا للرافعة المالية (Leverage). معدلات التمويل في العقود الدائمة تتداول حول الصفر، بل تنخفض للسالب أحيانًا، وهو تحول واضح عن معدلات التمويل الإيجابية التي تميز مراحل الصعود في السوق. في سوق الخيارات، نلاحظ تركزًا هائلًا لعقود البيع (puts) حول مستوى 84,000 دولار، وعقود الشراء (calls) حول مستوى 100,000 دولار، ما يخلق مجالًا لتحركات حادة في ذلك النطاق.
💡 توقعات خبراء أموال: نتوقع أن يبقى بتكوين متماسكًا ضمن نطاق 81,000-95,000 دولار حتى انتهاء صلاحية عقود الخيارات الضخمة في أواخر ديسمبر. اختراق مستوى 81,000 دولار للأسفل سيشكل إشارة سلبية قوية قد تفتح الباب لانخفاض نحو 70,000-75,000 دولار. ننصح بالحذر الشديد على المدى القصير، مع الانتظار حتى تظهر علامات واضحة على عودة السيولة والطلب المؤسسي.
الخلاصة
شهدت الأسواق العالمية أسبوعًا فارقًا أعاد رسم خريطة التوقعات للأشهر المقبلة. التحول الدرامي في توقعات الفيدرالي نحو التيسير النقدي دفع الأسهم والسندات للصعود بقوة، بينما يواصل الذهب صعوده نحو مستويات قياسية جديدة.
ما يجب مراقبته الأسبوع المقبل:
الجمعة 5 ديسمبر: تقرير الوظائف الأمريكي (التوقعات: إضافة 150,000 وظيفة). سيحدد هذا التقرير قرار الفائدة في ديسمبر.
الإثنين 1 ديسمبر: مؤشر ISM التصنيعي الأمريكي وخطاب محافظ بنك اليابان أويدا.
الأربعاء 3 ديسمبر: تقرير ADP للوظائف الخاصة ومؤشر ISM للخدمات.
💡 في أموال، نحافظ على تعرض كامل للذهب كملاذ آمن وأداة تحوط ضد تقلبات الأسواق. ونبقى حذرين تجاه بتكوين حتى تتضح علامات استقرار السوق.
ترقّبوا عددنا الأسبوعي يوم الأحد المقبل لمواكبة أبرز المستجدات وتحليل انعكاساتها على مختلف الأصول الاستثمارية.



