عدد خاص: العدوان الإسرائيلي على إيران يهز الأسواق
ارتفاع أسعار البترول وانفجار الوضع في الشرق الأوسط يضع الاقتصاد العالمي على المحك
أهلًا بكم في هذا العدد الخاص من نشرة أموال لمتابعة تطورات الحرب الإسرائيلية-الإيرانية وتأثيرها المحتمل على الأسواق.
في غضون ساعات عقب بدء القصف الإسرائيلي لمنشآت تخصيب اليورانيوم وقواعد الصواريخ الإيرانية صباح الخميس 12 يونيو، قفزت أسعار البترول نحو 13٪ لتلامس 78 دولارًا للبرميل قبل أن تتراجع إلى منتصف السبعينيات. لا يتعلق صعود السعر بفقدان حقيقي في حجم الإنتاج اليومي من البترول، فقد بقيت قدرة إيران على الإنتاج سليمة، بقدر ما يعكس ارتفاعًا مفاجئًا في احتمالات إغلاق مضيق هرمز، الذي يمر عبره نحو خُمس نفط العالم يوميًا. إغلاق المضيق قد يدفع البترول لتجاوز 120 دولار، ما قد يضع الاقتصاد العالمي في أزمة مفاجئة.
وعلى غير عادة الأزمات الجيوسياسية، انخفضت أسعار السندات والأسهم معًا. بالرغم من اعتياد المستثمرين الاحتماء بالسندات الأمريكية أثناء الأزمات، تخوّفوا هذه المرة من أن تشعل صدمةٌ نفطية طويلة الأمد أزمة التضخم التي ظن الجميع أنها انتهت بالفعل. بالتوازي، ارتفع الذهب بأكثر من 2٪ على وقع العناوين الأولى وحافظ على أغلب مكاسبه، في حين انخفض سعر بتكوين بفعل موجة الذعر الأولية قبل أن يرتد مرة أخرى فوق 105,000 دولار.
الجميع يسعى للاحتماء بالذهب
ارتفع نشاط عقود الشراء على الذهب إلى أعلى مستوياته هذا العام بينما تراجعت نسبة عقود البيع إلى الشراء على نحو يوحي بأن المستثمرين يجهّزون أنفسهم لحركة صعود قوية. وتُشير المؤشرات الفنيّة بأن القمة الحالية عند 3,435 دولارًا للأونصة قد لا تصمد طويلًا. بالإضافة إلى احتماء رؤوس الأموال بالذهب كملاذ آمن تقليدي، تنطلق الفائدة الإجمالية على العقود الآجلة للذهب من مستويات منخفضة نسبيًا، ما يعني أن أي تدفّق جديد لرؤوس الأموال قادر على دفع السعر للصعود سريعًا، ما يفتح الباب أمام الوصول إلى حدود 3,700 دولار.
السيناريوهات المحتملة في الأسابيع القادمة
سيتحكم مسار الصراع الإسرائيلي-الإيراني في أسعار الطاقة، وبالتالي سيؤثر بشكل مباشر توجه البنوك المركزية وأسعار الأصول الاستثمارية في كافة الأسواق. يرى خبراء أموال أن مسار الصراع قد يتطور، سياسيًا واقتصاديًا، خلال أربعة سيناريوهات رئيسية:
استمرار القصف المتبادل بين إسرائيل وإيران دون تصعيد جديد—الاحتمالات الحالية حوالي 45%:
يفترض هذا السيناريو أن تواصل إسرائيل توجيه الضربات الجوية ضد قدرات إيران النووية والصاروخية، بينما ترد طهران بصورة مدروسة لا تُعطل صادرات النفط أو الملاحة، في حدود القصف الصاروخي وهجمات الطائرات المسيّرة. سيتحرك سعر البترول داخل نطاق 70-80 دولارًا، وهو ما يكفي لإبقاء التضخم مرتفعًا بشكل نسبي، لكن ليس بالقدر الذي يُجبر الاحتياطي الفيدرالي على العودة إلى رفع الفائدة. وسيبقى مؤشر S&P500 في دون مستوى 6,000 دولار، بينما يتحرك سعر الذهب في نطاق 3,300 إلى 3,500 دولارًا للأونصة.حرب إقليمية شاملة—الاحتمالات الحالية حوالي 30%:
يفترض هذا السيناريو أن تتوسّع الهجمات الإسرائيلية لتشمل قصف مكثف للبنى التحتية الإيرانية، فتردّ إيران بهجمات شاملة مع تعطيل الملاحة في الخليج العربي وغلق مضيق هرمز. سترتفع أسعار البترول إلى مستويات 110-130 دولارًا، وستهوي الأسهم العالمية حوالى 15٪، بينما سيتخطى الذهب مستوى 3,700 دولار. تعود في هذا السيناريو أزمة التضخم إلى الواجهة مرة أخرى، فتضطر البنوك المركزية إلى التشديد النقدي (رفع الفائدة)، فيما سيحتمي المستثمرون بالذهب وعملات الملاذ الآمن (الفرنك السويسري والين الياباني).تهدئة دبلوماسية برعاية أمريكية—الاحتمالات الحالية حوالي 20%:
يفترض هذا السيناريو نجاح وساطة خليجية/أمريكية في فرض وقف لإطلاق النار واستئناف المحادثات النووية. ستهبط أسعار البترول دون 70 دولار مرة أخرى، وسيعود مؤشر S&P500 فوق مستويات 6,000 دولار، بينما ستنخفض أسعار الذهب دون 3,300 دولار للأونصة بفعل تراجع الطلب على الملاذات الآمنة. في ظل تطور من هذا النوع، ينفتح الباب أمام استمرار موجة التيسير النقدي في أوروبا، ويستمر الاحتياطي الفيدرالي في مساره الحالي.حرب شاملة—الاحتمالات الحالية أقل من 5%:
يبقى أخطر المسارات هو انضمام الولايات المتحدة إلى إسرائيل بشكل مباشر، أي بانخراط الجيش الأمريكي مباشرة في الحرب، ما يدفع إيران إلى قصف المصالح الأمريكي في منطقة الخليج. في سيناريو كهذا، ستتعطل سلاسل التوريد العالمية بشكل قد يؤدي إلى ركود تضخمي عالمي يؤدي بدوره إلى انخفاض الأسهم بأكثر من 20%، بينما سيتجاوز الذهب حاجز 4,000 دولار.
الخلاصة
يجد المستثمرون العالميون أنفسهم حاليًا أمام مسارين متوازيين: ارتفاعٌ محتمل في أسعار الطاقة قد يشعل أزمة التضخّم من جديد، يقابله تمددٌ ملحوظ في السيولة العالمية يرصده خبراء أموال. يحتفظ الذهب في هذه الحالة بدور مزدوج: ملاذ آمن تقليدي ووسيلة تحوّط ضد تآكل الثقة في السندات الأمريكية. يوصي خبراء أموال بالاستحواذ على مراكز مناسبة من الذهب طالما استقر السعر فوق 3,300 دولار، مع استهداف اختراق مستوى 3,450 دولار الذي يفتح الطريق نحو مستويات 3,700 دولار.
ترقّبوا عددنا الأسبوعي يوم الأحد المقبل لمواكبة أبرز المستجدات وتحليل انعكاساتها على مختلف الأصول الاستثمارية.